عن الجراح والحياة و ما آلت إليه قلوبنا الصغيرة

تقول رضوى في اقتباسها المشهور أن" الحكايات التي تنتهي لا تنتهي ما دامت قابلة لان تُروى " و أسألها يا رضوى كيف امتلكت الشجاعة لتروي حكاياتك ومتى ؟ 
متى يستطيع المرء أن يروي حكاياته ويتجاوز ؟ 
 لا تزال الجراح مفتوحة رغم مرور السنين .
 يتسارع الكلام في رأسي ولاأقوى على اللحاق به ، يتناثر في كل مكان و أخشى ضياعه كما أخشى ضياع الذكرى ، هل تمسّكنا  بالذكريات وبالآلام الأولى للأشياء نابع من نفس الخوف ، الخوف من أن ننسى فنفقد أنفسنا و المعنى ، هل هذا ما يُبقي ردمنا للجراح وهميًا ؛ يكفيه نسمة هواء لتزيح مرور السنين و يطل كل شئ بمخالبه لينهش مواضعه في قلوبنا من جديد .
"و كلما توجهت رصاصة إلى صدره بدقة 
تمر لحسن الحظ
من ثقب قديم في القلب " =عماد أبو صالح.
كيف يحيا الإنسان بعد ان عرف حقائق الأشياء ، كيف يمشي و في قلبه كل هذا الثقل ، ثقل كان ينبغي له أن يتأخر قليلا ربما لثلاثين عام أخرى من عمرنا ، لماذا ألقي هذا الثقل على قلوبنا مبكرا و انهالت عليها التساؤلات ، هل وجدنا الجواب حقًا أم أن التساؤلات تختبئ هي الأخرى و تنتظر الوقت المناسب لتفاجئنا من جديد ، أفكر في مشهد درامي محروق عن البطل المخطوف الذي تريد العصابة قتله لأنه " عرف أكثر مما ينبغي " ، هل المعرفة تتطلب المغادرة ؟ ثقيلة هي حقاً ، لكن يظهر تساؤل مختبئ عما إذا كانت معارفنا حقيقية أم أنها صورة أخرى للغضب ،  غضب طفل اختطفت منه لعبته الجديدة التي كان لا يزال يتحسسها  ، تراوغ نفسي لتلوح لي بمقدار من الأمل ولو ضئيل لاكتشاف معانٍ أخرى ربما تكون مغايرة لما اكتشفته من قبل ، أتساءل مرة أخرى هل يستطيع الإنسان أن يحيا بلا أمل ؟
صارت قلوب الأطفال تأسرني أكثر مما كانت من قبل ، لم أكن مولعة بوجود أطفال في محيطي ، لكني اليوم اراهم قبل غيرهم ، يبتسم الطفل لك حين يرتاح قلبه لحضورك و تصبح صديقه إذا ما صدقت ، يسمح له قلبه النقي بالرؤية ، قلوب غضّة لطيفة لم تمسّها بعد أسنان الحياة ، أشعر بأنني شجرة عليها أن تشمل فروعها كل القلوب الصغيرة لتظللها و تحميها وتمنحها مقداراً ولو ضئيلا من اللطف و الظل ، أقول تكفيهم قسوة الحياة و أقول أنها حتما ستقسو لكن قسوتها تختلف من شخص لآخر ؛ تختلف في الشكل و الوقت لكنها حتما ستقسو .
أقول أن العمر قصير و أن قسوة الحياة كافية لا نملك أن نمنعها لكننا على الأقل نستطيع ألا نزيدها  بقسوتنا .

المشاركات الشائعة