سأكتب يوما قصة طفولية جدا ، تحكي عن طفل بعينينن واسعتين يحيا في عالم زاهي الألوان يركض طوال اليوم في حدائق خضراء وهو مبتسم .
ثم يقع في مشكلة ما ، حجمها كحجمه تماماً ، تبدو له بكبر العالم ، لكنها في الحقيقة ضئيلة لا تكاد تُرى ، يركض العالم من حولها- كما يركض من حوله- غير مكترث .
يبذل الطفل قصارى جهده في التفكير ، تنطفئ عيناه قليلًا ، ثم يعثر على حضن آمن يحتوي قلقه وخوفه ، بل و أكثر؛ يعطيه مفتاح الحل الضائع ، فتعود الألوان إلى عالمه و تعود عيناه إلى اتساعهما و يواصل الركض في الحدائق الخضراء سعيدًا.
لا أنسى انا بابا يوما عبر عن ضيقه من كون الأطفال غير مرئيين ، "لماذا يتجاهل البائع طلب الطفل وسط طلبات الكبار المتزاحمة ؟" يعود تساؤل بابا إلى رأسي من حين لحين ، و أفكر أن الأطفال من حقهم ان يكونوا مرئيين ، بشكل ما ، صرت أرى الأطفال في كل مكان ، ألتفت لطفل يطلب مني أن أشتري منه شيئا أبتسم له و أشكره أو أضحك على  دعابة خفيفة الظل يحاول بها لفت انتباهي تُظهر سرعة بديهة الصغير الذي يختلف نصيبه من العالم عن نصيب طفل قصتنا . 
أدخل إلى تجمع عائلي فتقع عيني على الأطفال ، أرحب بهم فردًا فردًا ، كل منهم مختلف ، و كل منهم يستحق أن يكون مرئي  و أن يُسمع صوته وسط ضجيج العالم الطاحن .

ألوم نفسي من وقت لآخر على ركضي المستمر ، قلّت أوقات توقفي كثيراً عن ذي قبل ، لا وقت للتباطئ هنا ،كل شئ يركض بأقصى سرعة و أنت مضطر للركض للحاق به ، أذكّر نفسي أنني بحاجة للتوقف قليلا لأجل أطفالي ، لن يتذكر طفلَي ركضي لكنهما سيتذكران إيقافي للعالم من أجل وقت أهدأ معهما ولو كان خاطفًا على هامش ركضي اليومي المحموم .

المشاركات الشائعة