الخوف : شعور تولد به ليحافظ على حياتك ، ينتفض الرضيع في ردة فعل تلقائية عندما تضعه على السرير او عندما بتقلب أثناء نومه مخافة أن يقع ، غريزة لحماية الحياة ، يكبر و يستكشف ، يقع و يتألم فتطول قائمة مخاوفه و محاذيره ، يتجرأ قلبه و يظن أنه امتلك المعرفة الواجبة لحمايته لكن صوت الكبار يتعالى محذرًا حتى يتخلى عن القليل من جرأته و يتحلى بالحذر، يتخلى الصغير عن جرأته شيئاً فشيئًا يفقد نكهة التجربة كلما كبر  ثم يصبح كل شئ حوله باهتاً ، باهت لكنه آمن .

الأمان : يبدأ بحضن الأم و رائحتها و دفء جسدها ، تخدعه ماما حتى يكمل نومه في غيابها فتترك ثوبًا كانت ترتديه بجواره ليشعر بدفء الرائحة و يكمل نومه بهدوء .

يكبر و يحاول  كسر حاجز الأمان- محاولات كلها بمثل حجمه ضئيلة واهنة- لكنها ثورته الوحيدة ، تتركه ماما يجرب و هي تعرف أنه سيعود ، بعد كل سقطة و بعد كل شعور بالألم أو الفشل، حزيناً أو غاضباً إلى حضنها الكبير الذي يضمن وجوده و اتساعه مهما ابتعد و مهما تمرد و ثار .

يكبر الصغير و يكبر معه خوفه ، يتحول لوحش خبيث متعدد الأذرع ،يمدّ أذرعه على طولها و يلفّها بكل قوة حول روحه -الغضة المختبئة بداخله- ليخنقها بدافع الأمان و بذكرى ألم الوقعة الأولى .

يكبر الأمان و يصبح مستعصيًا على الفهم ؛ كبيراً بحجم الغرفة ، صغيراً بحجم القلب ، لا شئ يسعه ولا شئ يضمن وجوده ، لغز إن ضاع من قلبك الصغير -يا صغير- ستشقى و لن تعيده لك سنوات الركض العجاف ،قد تجده للحظات -تصبح عزيزة مع الوقت- يلتهمها وحش الخوف القاسي باستمتاع و هو يراك تبحث و تتلفت ، ثم يحتضنك بأذرعه الباردة كأنما يخفف عنك حيرتك و ضياعك .

المشاركات الشائعة